كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



جاء في الفصل الأول من الباب الأول:
كان القرن السادس والسابع لميلاد المسيح من أحط أدوار التاريخ بلا خلاف. فكانت الإنسانية متدلية منحدرة منذ قرون. وما على وجه الأرض قوة تمسك بيدها وتمنعها من التردي وقد زادتها الأيام سرعة في هبوطها وشدة في إسفافها. وكان الإنسان في هذا القرن قد نسي خالقه، فنسي نفسه ومصيره، وفقد رشده، وقوة التمييز بين الخير والشر، والحسن والقبيح. وقد خفتت دعوة الأنبياء من زمن، والمصابيح التي أوقدوها قد انطفأت من العواصف التي هبت بعدها، أو بقيت ونورها ضعيف ضئيل لا ينير إلا بعض القلوب، فضلاً عن البيوت، فضلاً عن البلاد. وقد انسحب رجال الدين من ميدان الحياة، ولاذوا بالأديرة والكنائس والخلوات فراراً بدينهم من الفتن، وضناً بأنفسهم، أو رغبة إلى الدعة والسكون، فراراً من تكاليف الحياة وجدها، أو فشلاً في كفاح الدين والسياسة، والروح والمادة؛ ومن بقي منهم في تيار الحياة اصطلح مع الملوك وأهل الدنيا وعاونهم على إثمهم وعدوانهم، وأكل أموال الناس بالباطل..
أصبحت الديانات العظيمة فريسة العابثين والمتلاعبين؛ ولعبة المجرمين والمنافقين، حتى فقدت روحها وشكلها، فلو بعث أصحابها الأولون لم يعرفوها؛ وأصبحت مهود الحضارة والثقافة والحكم والسياسة مسرح الفوضى والانحلال والاختلال وسوء النظام وعسف الحكام، وشغلت بنفسها لا تحمل للعالم رسالة، ولا للأمم دعوة، وأفلست في معنوياتها، ونضب معين حياتها، لا تملك مشرعاً صافياً من الدين السماوي، ولا نظاماً ثابتاً من الحكم البشري..
هذه اللمحة السريعة تصور في إجمال حالة البشرية والديانات قبيل البعثة المحمدية. وقد أشار القرآن إلى مظاهر الكفر الذي شمل أهل الكتاب والمشركين في مواضع شتى.
من ذلك قوله عن اليهود والنصارى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله} {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء} وقوله عن اليهود: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} وقوله عن النصارى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} وقوله عن المشركين: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين} وغيرهما كثير..
وكان وراء هذا الكفر ما وراءه من الشر والانحطاط والشقاق والخراب الذي عم أرجاء الأرض.. وبالجملة لم تكن على ظهر الأرض أمة صالحة المزاج، ولا مجتمع قائم على أساس الأخلاق والفضيلة، ولا حكومة مؤسسة على أساس العدل والرحمة، ولا قيادة مبنية على العلم والحكمة، ولا دين صحيح مأثور عن الأنبياء.
ومن ثم اقتضت رحمة الله بالبشرية إرسال رسول من عنده يتلو صحفاً مطهرة فيها كتب قيمة. وما كان الذين كفروا من المشركين ومن الذين أوتوا الكتاب ليتحولوا عن ذلك الشر والفساد إلا ببعثة هذا الرسول المنقذ الهادي المبين..
ولما قرر هذه الحقيقة في مطلع السورة عاد يقرر أن أهل الكتاب خاصة لم يتفرقوا ويختلفوا في دينهم عن جهل أو عن غموض في الدين أو تعقيد. إنما هم تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم العلم ومن بعد ما جاءتهم البينة من دينهم على أيدي رسلهم:
{وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة}..
وكان أول التفرق والاختلاف ما وقع بين طوائف اليهود قبل بعثة عيسى عليه السلام فقد انقسموا شعباً وأحزاباً. مع أن رسولهم هو موسى عليه السلام وكتابهم هو التوراة. فكانوا طوائف خمسة رئيسية هي طوائف الصدوقيين، والفريسيين، والآسيين، والغلاة، والسامريين.. ولكل طائفة سمة واتجاه. ثم كان التفرق بين اليهود والنصارى، مع أن المسيح عليه السلام هو أحد أنبياء بني إسرائيل وآخرهم، وقد جاء مصدقاً لما بين يديه من التوراة، ومع هذا فقد بلغ الخلاف والشقاق بين اليهود والمسيحيين حد العداء العنيف والحقد الذميم. وحفظ التاريخ من المجازر بين الفريقين ما تقشعر له الأبدان.
وقد تجدد في أوائل القرن السابع من الحوادث ما بغضهم (أي اليهود) إلى المسيحيين وبغض المسيحيين إليهم، وشوه سمعتهم. ففي السنة الأخيرة من حكم فوكاس (610م) أوقع اليهود بالمسيحيين في أنطاكية، فأرسل الأمبراطور قائده ابنوسوس ليقضي على ثورتهم، فذهب وأنفذ عمله بقسوة نادرة، فقتل الناس جميعاً قتلاً بالسيف، وشنقاً، وإغراقاً، وإحراقاً، وتعذيباً، ورمياً للوحوش الكاسرة.
وكان ذلك بين اليهود والنصارى مرة بعد مرة، قال المقريزي في كتاب الخطط: وفي أيام (فوقا) ملك الروم، بعث كسرى ملك فارس جيوشه إلى بلاد الشام ومصر فخربوا كنائس القدس، وفلسطين وعامة بلاد الشام، وقتلوا النصارى بأجمعهم، وأتوا إلى مصر في طلبهم، وقتلوا منهم أمة كبيرة، وسبوا منهم سبيا لا يدخل تحت حصر. وساعدهم اليهود في محاربة النصارى وتخريب كنائسهم؛ وأقبلوا نحو الفرس من طبرية، وجبل الجليل، وقرية الناصرة ومدينة صور، وبلاد القدس؛ فنالوا من النصارى كل منال وأعظموا النكاية فيهم، وخربوا لهم كنيستين بالقدس، وأحرقوا أماكنهم، وأخذوا قطعة من عود الصليب، وأسروا بطرك القدس وكثيراً من أصحابه. إلى أن قال بعد أن ذكر فتح القدس:
فثارت اليهود في أثناء ذلك بمدينة صور، وأرسلوا بقيتهم في بلادهم، وتواعدوا على الإيقاع بالنصارى وقتلهم، فكانت بينهم حرب، اجتمع فيها من اليهود نحو 20 ألفاً وهدموا كنائس النصارى خارج صور. فقوّس النصارى عليهم وكاثروهم فانهزم اليهود هزيمة قبيحة، وقتل منهم كثير. وكان هرقل قد ملك الروم بقسطنطينية، وغلب الفرس بحيلة دبرها على كسرى حتى رحل عنه، ثم سار من قسطنطينية ليمهد ممالك الشام ومصر، ويجدد ما خربه الفرس، فخرج إليه اليهود من طبرية وغيرها، وقدموا لها الهدايا الجليلة وطلبوا منه أن يؤمنهم منه ويحلف لهم على ذلك، فأمنهم وحلف لهم. ثم دخل القدس، وقد تلقاهم النصارى بالأناجيل والصلبان والبخور والشموع المشعلة، فوجد المدينة وكنائسها خراباً، فساءه ذلك، وتوجع لهم، وأعلمه النصارى بما كان من ثورة اليهود مع الفرس، وإيقاعهم بالنصارى وتخريبهم الكنائس، وأنهم كانوا أشد نكاية لهم من الفرس، وقاموا قياماً كبيراً في قتلهم عن آخرهم، وحثوا هرقل على الوقيعة بهم، وحسنوا له ذلك. فاحتج عليهم بما كان من تأمينه لهم وحلفه، فأفتاه رهبانهم وبطارقتهم وقسيسوهم بأنه لا حرج عليه في قتلهم، فإنهم عملوا عليه حيلة حتى أمنهم من غير أن يعلم بما كان منهم، وأنهم يقومون عنه بكفارة يمينه بأن يلتزموا ويلزموا النصارى بصوم جمعة في كل سنة عنه على مر الزمان والدهور! فمال إلى قولهم وأوقع باليهود وقيعة شنعاء أبادهم جميعهم فيها، حتى لم يبق في مماليك الروم والشام إلا من فر واختفى..
وبهذه الروايات يعلم ما وصل إليه الفريقان: اليهود والنصارى، من القسوة والضراوة بالدم الإنساني، وتحين الفرص للنكاية في العدو، وعدم مراعاة الحدود في ذلك.
ثم كان التفرق والاختلاف بين النصارى أنفسهم، مع أن كتابهم واحد ونبيهم واحد. تفرقوا واختلفوا أولاً في العقيدة. ثم تفرقوا واختلفوا طوائف متعادية متنافرة متقابلة. وقد دارت الخلافات حول طبيعة المسيح عليه السلام وعما إذا كانت لاهوتية أو ناسوتية.
وطبيعة أمه مريم. وطبيعة الثالوث الذي يتألف منه الله في زعمهم وحكى القرآن قولين منها أو ثلاثة في قوله: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} وكان أشد مظاهر هذا الخلاف الديني ما كان بين نصارى الشام والدولة الرومية، وبين نصارى مصر. أو بين الملكانية، المنوفوسية بلفظ أصح. فكان شعار الملكانية عقيدة ازدواج طبيعة المسيح، وكان المنوفوسيون يعتقدون أن للسيد المسيح طبيعة واحدة هي الإلاهية. التي تلاشت فيها طبيعة المسيح البشرية كقطرة من الخل تقع في بحر عميق لا قرار له. وقد اشتد هذا الخلاف بين الحزبين في القرنين السادس والسابع، حتى صار كأنه حرب عوان بين دينين متنافسين، أو كأنه خلاف بين اليهود والنصارى.. كل طائفة تقول للأخرى: إنها ليست على شيء.
وحاول الإمبراطور هرقل (610- 641) بعد انتصاره على الفرس (سنة 638) جمع مذاهب الدولة المتصارعة وتوحيدها، وأراد التوفيق، وتقررت صورة التوفيق أن يمتنع الناس عن الخوض في الكلام عن كنه طبيعة السيد المسيح، وعما إذا كانت له صفة واحدة أم صفتان، ولكن عليهم بأن يشهدوا بأن الله له إرادة واحدة أو قضاء واحد. وفي صدر عام 631 حصل وفاق على ذلك، وصار المذهب المنوثيلي مذهباً رسمياً للدولة، ومن تضمهم من أتباع الكنيسة المسيحية. وصمم هرقل على إظهار المذهب الجديد على ما عداه من المذاهب المخالفة، متوسلاً إلى ذلك بكل الوسائل. ولكن القبط نابذوه العداء، وتبرأوا من هذه البدعة والتحريف! وصمدوا له واستماتوا في سبيل عقيدتهم القديمة. وحاول الإمبراطور مرة أخرى توحيد المذاهب وحسم الخلاف فاقتنع بأن يقر الناس بأن الله له إرادة واحدة. وأما المسألة الأخرى وهي نفاذ تلك الإرادة بالفعل فأرجأ القول فيه، ومنع الناس أن يخوضوا في مناظراته. وجعل ذلك رسالة رسمية، ذهب بها إلى جميع جهات العالم الشرقي. ولكن الرسالة لم تهدئ العاصفة في مصر، ووقع اضطهاد فظيع على يد قيصر في مصر استمر عشر سنين، ووقع في خلالها ما تقشعر منه الجلود، فرجال كانوا يعذبون ثم يقتلون غرقاً، وتوقد المشاعل وتسلط نارها على الأشقياء حتى يسيل الدهن من الجانبين إلى الأرض ويوضع السجين في كيس مملوء بالرمل ويرمى في البحر. إلى غير ذلك من الفظائع.
وكان هذا الخلاف كله بين أهل الكتاب جميعاً {من بعد ما جاءتهم البينة}.. فلم يكن ينقصهم العلم والبيان؛ إنما كان يجرفهم الهوى والانحراف.
على أن الدين في أصله واضح والعقيدة في ذاتها بسيطة:
{وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} وهذه هي قاعدة دين الله على الإطلاق:
عبادة الله وحده، وإخلاص الدين له، والميل عن الشرك وأهله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة: {وذلك دين القيمة}.
عقيدة خالصة في الضمير، وعبادة لله، تترجم عن هذه العقيدة، وإنفاق للمال في سبيل الله، وهو الزكاة.. فمن حقق هذه القواعد، فقد حقق الإيمان كما أمر به أهل الكتاب، وكما هو في دين الله على الإطلاق. دين واحد. وعقيدة واحدة، تتوالى بها الرسالات، ويتوافى عليها الرسل.. دين لا غموض فيه ولا تعقيد. وعقيدة لا تدعو إلى تفرق ولا خلاف، وهي بهذه النصاعة، وبهذه البساطة، وبهذا التيسير. فأين هذا من تلك التصورات المعقدة، وذلك الجدل الكثير؟
فأما وقد جاءتهم البينة من قبل في دياناتهم على أيدي رسلهم؛ ثم جاءتهم البينة، حية في صورة رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة؛ ويقدم لهم عقيدة، واضحة بسيطة ميسرة، فقد تبين الطريق. ووضح مصير الذين يكفرون والذين يؤمنون:
{إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزآؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه}..
إن محمداً صلى الله عليه وسلم هو الرسول الأخير؛ وإن الإسلام الذي جاء به هو الرسالة الأخيرة. وقد كانت الرسل تتوالى كلما فسدت الأرض لترد الناس إلى الصلاح. وكانت هناك فرصة بعد فرصة ومهلة بعد مهلة، لمن ينحرفون عن الطريق فأما وقد شاء الله أن يختم الرسالات إلى الأرض بهذه الرسالة الأخيرة الجامعة الشاملة الكاملة، فقد تحددت الفرصة الأخيرة، فإما إيمان فنجاة، وإما كفر فهلاك. ذلك أن الكفر حينئذ دلالة على الشر الذي لا حد له، وأن الإيمان دلالة على الخير البالغ أمده.
{إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية} حكم قاطع لا جدال فيه ولا محال. مهما يكن من صلاح بعض أعمالهم وآدابهم ونظمهم ما دامت تقوم على غير إيمان، بهذه الرسالة الأخيرة، وبهذا الرسول الأخير. لا نستريب في هذا الحكم لأي مظهر مظاهر الصلاح، المقطوعة الاتصال بمنهج الله الثابت القويم.
{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية}.
حكم كذلك قاطع لا جدال فيه ولا محال. ولكن شرطه كذلك واضح لا غموض فيه ولا احتيال. إنه الإيمان. لا مجرد مولد في أرض تدعى الإسلام، أو في بيت يقول: إنه من المسلمين. ولا بمجرد كلمات يتشدق بها الإنسان! إنه الإيمان الذي ينشئ آثاره في واقع الحياة: {وعملوا الصالحات}. وليس هو الكلام الذي لا يتعدى الشفاه! والصالحات هي كل ما أمر الله بفعله من عبادة وخلق وعمل وتعامل.
وفي أولها إقامة شريعة الله في الأرض، والحكم بين الناس بما شرع الله. فمن كانوا كذلك فهم خير البرية.
{جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً}..
جنات للإقامة الدائمة في نعيمها الذي يمثله هنا الأمن من الفناء والفوات. والطمأنينة من القلق الذي يعكر وينغص كل طيبات الأرض.. كما يمثله جريان الأنهار من تحتها، وهو يلقي ظلال النداوة والحياة والجمال!
ثم يرتقي السياق درجة أو درجات في تصوير هذا النعيم المقيم:
{رضي الله عنهم ورضوا عنه}..
هذا الرضا من الله وهو أعلى وأندى من كل نعيم.. وهذا الرضا في نفوسهم عن ربهم. الرضا عن قدره فيهم. والرضا عن إنعامه عليهم. والرضا بهذه الصلة بينه وبينهم. الرضا الذي يغمر النفس بالهدوء والطمأنينة والفرح الخالص العميق..
إنه تعبير يلقي ظلاله بذاته.. {رضي الله عنهم ورضوا عنه} حيث يعجز أي تعبير آخر عن إلقاء مثل هذه الظلال!
{ذلك لمن خشي ربه}.
وذلك هو التوكيد الأخير. التوكيد على أن هذا كله متوقف على صلة القلب بالله، ونوع هذه الصلة، والشعور بخشيته خشية تدفع إلى كل صلاح، وتنهى عن انحراف.. الشعور الذي يزيح الحواجز، ويرفع الأستار، ويقف القلب عارياً أمام الواحد القهار. والذي يخلص العبادة ويخلص العمل من شوائب الرياء والشرك في كل صورة من صوره. فالذي يخشى ربه حقاً لا يملك أن يُخطر في قلبه ظلاً لغيره من خلقه. وهو يعلم أن الله يرد كل عمل ينظر فيه العبد إلى غيره معه، فهو أغنى الشركاء عن الشرك. فإما عمل خالص له، وإلا لم يقبله.
تلك الحقائق الأربعة الكبيرة هي مقررات هذه السورة الصغيرة، يعرضها القرآن بأسلوبه الخاص، الذي يتجلى بصفة خاصة في هذه السور القصار..